عيون الفقراء

و انا ايضا ترهقني كلماتي..
مشاكسة، أعني أن كلماتي متهورة بلطف، او ربما المقصود بها انني لم اجد مفرا يردعني عن الكلام و لم اصل الى بوابة الهروب كي اتخلص من شمولية الأفكار التي أريد إيصالها، حتى و لو تنافرت، قد تكون اعتراضات على ما يعتقد البعض، إنما الحق ها هو الذي يرفع صوته ضد إختلاف القضية. لذا الثابت، خائبة الكلمات لا تولد الا عندما يعجز القلم عن تدوين سطر واحد يوصف حالة الحزن والأسى الذي يحتل عيون الفقراء، فتبقى اللذعة المجنونة رهن المحاكمة التعسفية و الإعدامات الشاملة.

الظلم والقهر و الجوع و التشرد في معادلة صعبة اما المراوغة او الانسانية، التكاتف الإنساني  واجب و ضرورة
الظلم والقهر و الجوع يتوه بعيون الفقراء

حاجز من الصمت يلتف حول عنقي، يغوص في اعماق قلبي، و يجذف في سبيل الخلاص من شتات الروح و انعدام التنفس. و من قعر التربة اليابسة تولد عناقيد الحصرم التي تعتصر في عيوني حيناً و على اوردتي المبتورة حيناً آخر. 

المشكلة ليست بتهور الكلمة او بجرعة الاحرف المسمومة، المشكلة بالاندفاعية الكاملة التي تضمن إنهياري دفعة واحدة. قد يكون سبب المسبب الأساسي لهذا الاندفاع شفافا لكن متاهة قلم الرصاص عناية فائقة تخفف استهلاك الطاقة لساعة واحدة بعد الشكوى الى ان ينقطع النفس و ينتهي ضجيج خفقان القلب امام براءة عيون الأطفال المهمشة، التي تعيش في ملجأ عمومي، خلف اسوار المقابر يسرقون الحياة المعدومة. 

امام عظمة عيون الفقراء انحني، ارقّع جلباب الامة من بريق الماس المتألق في عيون الاطفال المشردة. امة تخاطب بإسم الدين و سقيفة القوافي الانسانية، و تعبر فوق اجساد الفقراء كجسور ممتدة من رتابة القاع الانساني الى كرسي السلك الدبلوماسي. ثم يسألونك عن الجبال فقل سينسفُها ربي نسفا لذا دعك من اقاويل الأبطال التي تتحدث عن راحة بال الفقراء و أرمي قوارير القضاء و القدر على الله.

هذه الاجيال ماضية في طريقها ولن توقفها اي قوة سياسية و لن تردعها حطام الانهيارات الاقتصادية و الاحتكارات المحلية او تحد مسيرتها الضغوطات الإقليمية أو الدولية، ولن توقف مسيرتهم خطابات العمالقة الرنانة و لن يرهبهم القتل ولا الحبس ولا حتى وباء العالم. فلا وباء افظع من وباء الظلم والقهر و الجوع. فمهما انخدعوا بشعارات بعضنا أو هتافات غيرنا سيواكبون طريقهم حتى لو تآمر الجميع عليهم.

علينا أن نعي تماما ان هذه الاجيال  عبارة عن فلاذ، عبارة عن عناقيد عضب موقوتة، إما أن نؤدي خدمة حقيقية لهذا الجيل بكل شفافية و انسانية أو لنتنحى جانبا حتى يخوض حربه ضد الفساد و الطغاة و الاستبداد والقمع والسلوك العدواني الى أن ينتصر لنفسه وانفسنا الخاضعة لأحكام هذا القانون المستبد.
فليخرس ضجيج الصمت القاتل، فلينفجر و يكسر جميع الحواجز التي تقف وراء الوجع الحقيقي بعيدا عن التكلفة لان الثمن حتما سيكون باهظا، و سندفع ثمن تقصيرنا و سكوتنا جميعنا دون استثناء.

سأقرأ ما كتبتُ غدًا وأهز رأسي وأنعت أحرفي بالسذاجة او ربما قد أمسح المدونة كاملة لكن الآن، تبقى الصورة مختصر ما بقي عاجزا عن الوصف...
#mediagatewizard #TheoreticalEyes

Comments